الجمعة“ 29 مارس 2024 - 07:37 ص - جرينتش

الشعر سيظل ديوان العرب في عصر العولمة


المصدر الاهرام الدولي - العدد 42669- حوار: محمد ثروت  - 3/10/2003 
 المفكر والمسئول اليمني الكبير د. عبد الولي الشميري لـ " الأهرام" 

الشعر سيظل ديوان العرب في عصر العولمة واليمن ستكون عاصمة الثقافة العربية لعام 2004 

المفكر والمسئول اليمني الكبير عبد الولي الشميري معروف بوعيه وجهده الكبير بالنسبة للثقافة العربية والفكر العربي وليس اليمني فقط، ومن هنا كان لابد أن نعيد قراءة أفكاره مرة أخرى خلال هذا الحوار، ترى ماذا يقول د. الشميري

لنبدأ الحوار
مشروع اليمن لتطوير الجامعة العربية ... هل يختلف عن المشروعين المصري والسعودي؟ وهل هناك أمل في عودة قوية للجامعة العربية؟ 
بالنسبة لمشروع الجمهورية اليمنية لتطوير العمل العربي المشترك، إنما هو لتمثيل رؤية يمنية عربية للأسلوب الذي يجب أن نتبعه في المرحلة الحرجة، لتحديث العمل العربي المشترك، وهو لم يكن المشروع المحكم، بل محاولة توضيحية للمفهوم اليمني عن آلية تطوير العمل العربي المشترك ، من خلال أطروحات ثابتة لجميع الدول العربية، ونحن نعتقد أن الورقة المصرية على ما فيها من سعة وتوضيح وتوسيع وشمولية وتفصيل، تعتبر فيها جوانب مهمة عن الميثاق والسوق العربية المشتركة.
ولذلك فقد استفادت الرؤية اليمنية من جملة الأوراق العربية في مصر والسودان وليبيا والسعودية وسوريا وقطر، وهذا لا يعني أن الورقة اليمنية جاءت للمناورة أو السبق، وإنما جاءت لتحريك المياه الجامدة ويتميز المشروع اليمني باستبدال الجامعة العربية بمشروع اتحاد الدول العربية، ومتطلبات جامعة غير اتحاد، فلم تكن الجامعة العربية ، بل جامعة الدول العربية ولها ميثاق بحاجة إلى تعديل وترقيعات، والوقت الذي سيأخذه منا هذا الترقيع سوف يدخلنا في سنوات طويلة من اللقاءات والبيانات التى تفتقد الأهلية للتطبيقات. فرأت اليمن تجاوز مرحلة الترقيع بنواة لاتحاد عربي حقيقي على غرار الاتحاد الأوروبي وسواه من الاتحادات الناجحة أو الطموحة ونحس أنها أفضل من جامعة الدول العربية، فالاتحاد في التزاماته للشعوب هو اتحاد لكل عربي.
هذا هو الصوت المتفرد في المشروع اليمني، هيكلة الاتحاد ومجلس الشورى والأمانة. أما الجامعة العربية، مع احترامنا الشديد لأداء الأمين العام والبلورة الفكرية، فهي لم تبارح أي مكان لها منذ 60 عاما، أحبار على الورق واحتجاج وتجنب ورجاء ولم تقدم شيئا ولم تؤخره على مستوى المواطنة العربية وتحسين الأجواء واللحمة الشعبية والسوق العربية المشتركة، بل أصبحت الجامعة العربية تمثل الشماعة التى يعلق عليها العرب أزماتهم بصرف النظر عن المسؤولية الحقيقية عن تدهور كيان الأمة وسخرية واستهزاء الشارع العربي في الوقت الذي لو منحت إرادة سياسية تعني التنازل عن الديكتاتورية والأهواء... والعظمة الجوفاء الفارغة وترك الرأي الفردي للرأي الجماعي والمصلحة الشخصية للمصلحة العامة، فالجامعة العربية بعيوب هذا الميثاق سوف تخطو إلى الأمام. بسفسطة الجيوش تقتحم بينما البرلمان يناقش هل الدجاجة قبل البيضة أم العكس!! إن الحاجة ضرورية الآن لمشروع اتحاد عربي، وذلك يحتم علينا كعرب التنازل عن الفردية والأنا والانفراد بالرأي والحفاظ على الشخصية أكثر من الحفاظ على المجتمع والشعب والأمة.


كان عبد الناصر نموذجا للقومية العربية.. في رأيكم ماذا تبقى منه في ذكراه عند الذاكرة اليمنية ؟ 
الرئيس جمال عبد الناصر إذا مات في أي دولة عربية، لن يموت في اليمن، فنحن نذكره إذا ذكر أي شهيد في اليمن، وفي الثورة السبتمبرية وثورة أكتوبر في عدن وسبتمبر في صنعاء، وله في كل رابية أثر في جبال اليمن ووديانها، والشارع اليمني لا يختلف في أن جهود عبد الناصر جهود عروبية صادقة، تستهدف وحدة الأمة، وتفجير الثورات ضد الاستعمار والطغيان. إن الشارع اليمني تعاقبت عليه أنظمة معادية وموالية لتيار عبد الناصر، لكنه يظل محتفظا بالرأي لنفسه والشارع اليمني تظل عواطفه ومسامعه وخطواته في اليمن حية ترزق !!


ما هو مفهوم الديمقراطية العربية بعد 11 سبتمبر؟ 
الديمقراطية العربية شعارات ونسخة معربة للديمقراطية، لما هو موجود في الغرب والتعريب مع ذلك ليس أمينا.
بل جاءت ديمقراطيات ناشئة وديمقراطية تمثيلية، وبروفات، وديمقراطية 11 سبتمبر هي نفسها لم تكن شيئاً، محاولات لأن نكون ديمقراطيين أوجدت لنا صناديق اقتراع وبطاقات انتخاب، لكنها لم توجد تغييرا داخل أي شيء في أنظمة الحكم. وبالتالي فالشارع العربي لا يحس أن نظام الحكم قد تغير تغيرا وسلطة تغيرت، جراء هذه الانتخابات كأن ما كان هو الذي يجب أن يكون.
الديمقراطية في الوطن العربي تعيش أزمة إرادة، حدثت مرة واحدة في الوطن العربي" ديمقراطية" في غفلة الزمن، عندما أسقطت صناديق الاقتراع عبد الرحمن سوار الذهب زعيم الانقلاب في السودان. ورغم أنه جاء بعد جعفر نميري ومن تحته الجيوش إلا أنه لم يكن مغضوبا عليه في الشارع العربي.
إن هناك قيادات لا أنكر أنها صمام أمان ولديها الخبرة الطويلة بالتعايش مع مصالح الأمة، ولكنها لو تركت الحرية والديمقراطية وقدمت خدمات ومنجزات تقتنع الشعوب بها لحدث تحول سريع في عالمنا العربي.
إن هناك خوفا من بطاقات الاقتراع، يجعل الأنظمة تستخدم أساليب مقززة وستظل كذلك في تجاربها مع الشعوب، فالديمقراطية تعني التغيير من الأسوأ إلى الأفضل، ولتبقى إرادة الشعب دوما صانعة الديمقراطية الحقيقية.
وأؤكد لك أن الديمقراطية بعد 11 سبتمبر قد طعنت طعنة رهيبة في الغرب في مسقط رأسها وذبحت كحلم منشود هناك تنعم به المجتمعات الغربية وقد اتضح أن العالم كله يعيش وضعا استثنائيا لا مثيل له.


في رأيكم.. ما هي أفضل السبل للخروج من النفق المظلم للصراع العربي الإسرائيلي؟ 
يبدو أن آلية الحوار بين العرب وإسرائيل غير متكافئة فهناك من الأحابيل الماكرة مما تريد أن تبدل ملامح القضية تماما، بإغراء شامل من الدول العربية بالتطبيع الكامل حيث لا أرض ولا سيادة ولا مقدسات، بل عبارة عن محاولات لتفادي النزيف الدموي من قبل المقاومة بالانقضاض على رموزها. 
إن الحل الأمثل للقضية الفلسطينية في الفكر الأمريكي والأوروبي. يختلف عنه في الفكر العربي، إننا نطالب بأن تنسحب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967، وتكف يدها عن الدخول في هذه الأرض إنسانا وأرضا وسيادة وتدعها للفلسطينيين. وبالتالي أري أن قرار قمة بيروت الذي قال فيه الزعماء العرب إنهم يرغبون في التطبيع الشامل مع إسرائيل واستيعابها في مجموعة الشرق الأوسط أمر وارد. لو قامت بالانسحاب من الأراضي العربية.
إن الأمر يختلف عن مرحلة الحبيب بورقيبة الذي قمنا بتكفيره عندما زار أريحا وانحاز إلى قرار التقسيم. نحن الآن لا نريد ذلك التقسيم، بل نريد فقط أرض 1967 وأولها الحرم الشريف وقضية القدس واللاجئين الفلسطينيين. وقضية الحدود الفلسطينية وهي قضايا شائكة وخلافية.
إن العرب الذين اعتبروا غياب " نيتانياهو" عن مؤتمر دبي الاقتصادي نجاحا للمؤتمر أمرهم غريب. فالسيادة التى تفرضها إسرائيل هي سيادة أمريكا الموجودة في كل مكان على الأرض وعلى الماء,.
إن الحل أمريكياً وأوروبيا أن تبقى إسرائيل بسيادتها مهيمنة على الأراضي الفلسطينية وأن ترحل الفلسطينيين إلى أراضٍ عربية، وأن يقتل الفلسطينيون بعضهم بعضا، وهذا هو السبيل الوحيد لبقاء إسرائيل. 


ما هو مستقبل الشعر في عصر العولمة ؟ وهل الشعر فعلا هو ديوان العرب؟ 
أنا كشاعر أرى أن الشعر كان وسيظل ديوان العرب، وهو القاموس الحقيقي للمفردة العربية، من نهر السنغال حتى ندخل الخليج العربي. أغنية ترقص، موسيقى، بكاء هو مكون أساسي للمفردة العربية وسيظل في أعتي لحظات الأمة العربية ظلاما.
إن القامات الشعرية لا تزال في الساحة العربية، وهناك عمالقة من الشعراء يجددون شكلا ومضمونا، وجيل جديد من الشباب ينتظرون الفرصة للصعود. إن الذين صعدوا كتبوا شعرهم بدمهم مثل محمد محمود الزبيري الذي خلده دمه، وصهر مهجته، فهو أسطورة من أساطير التاريخ اليمني.
أما " البردوني"، فهو إمام مجدد في المضمون الشعري داخل القصيدة العربية ولا يزال أستاذه حياً وهو الشاعر إبراهيم الحضراني من جيل طه حسين والعقاد. وكذلك عبد الله المشرفي، وهناك محمد أحمد منصور . وعمالقة الشعر في اليمن الذين تساووا مع نزار القباني وغازي القصيبي.
بل إن هناك أسرا شعرية كاملة من العهود السابقة مثل الإرياني وآل الوزير. فمظهر الإرياني شقيق د. عبد الكريم الإرياني شاعر لا يشق له غبار، كذلك من الأسر الهاشمية سابقا أحمد الشامي، ومازال يعيش في لندن وآل الوزير وبيت شرف الدين ( على عبد الرحمن) وكلها قامات شعرية، كذلك تتضمن القافلة الشعرية اليمنية عبد الرحمن الطيب بعكر الحضرمى وهو كفيف كالبردوني.
وهو شاعر تساوى مع البحترى والبهاء زهير وكذلك عبد الله الضحوى ومحمد على عجلان، ولكن المنابر قليلة في اليمن والساحة ضيقة لهذا الزخم الشعري الهائل.


لماذا لا يوجد اليمن ضمن عواصم الثقافة العربية؟ 
العواصم الثقافية العربية مشروع جيد، يدفع إلى تحريك المياه الراكدة في الثقافة العربية عام 2004 صنعاء عاصمة للثقافة العربية، وقد استشارني وزير الثقافة اليمني " خالد الرويشان" من خلال مشاركتي في مهرجانات العواصم الثقافية العربية في هذه الاحتفالات، وقد أعدت برامج شائقة في صنعاء القديمة، والخيام تنصب والأسواق تقام والمتاحف تهيأ. وهناك فعاليات كبرى، سوف ترتبط بشخصيات كبيرة مثل الزبيري والبردوني من عمالقة الثقافة والفكر في اليمن.