السبت“ 27 أبريل 2024 - 07:44 ص - جرينتش

اليمن وأهل اليمن في ضيافة نقابة الصحفيين المصريين


القاهرة / سيد علي /3-4-2008م..

 

 

 

اليمن وأهل اليمن في ضيافة نقابة الصحفيين المصريين

 

أقيمت مساء أمس "الأربعاء " بمقر نقابة الصحفيين المصريين وبرعاية منتدى المفكر الكبير محمد عودة احتفالية بكتاب "اليمن وأهل اليمن ... أربعون زيارة وألف حكاية " للمؤلف يوسف الشريف ، حضرها وقدم لها لفيف من الكتاب الصحفيين المصريين والعرب بالإضافة إلى أعضاء السلك الدبلوماسي بسفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة يتقدمهم الدكتور عبدالولي الشميري سفير اليمن والمندوب الدائم بالجامعة العربية، وأشاد الشميري في كلمته بالمؤلف وبالكتاب مؤكدا بأنه استطاع أن يبحر بقراءة في بحار اليمن المتحركة وفي أحداثه المتشابكة ، مضيفا ب "إنني وجدت اليمن وشممت رائحتها عبر قراءتي لكتاب يوسف الشريف وجدت أتراحه وأفراحه ، انتصاراته وانكساراته ، وزعاماته وقبائله ومقاتليه وشبابه وأطفاله".


وأشار إلى "أن يوسف الشريف استطاع أن يبحر بنا إلى 60 عاما إلى الوراء مستعرضاً ومحللاً أبرز الأحداث مجليا الحقائق التي غفل عنها الكثير من المؤرخين".

ومن ناحيته أشاد الإعلامي الكبير أحمد سعيد رئيس إذاعة صوت العرب سابقا بكتاب يوسف الشريف مؤكداً بأنه جسد واقع الحياة اليمنية بكل ما فيها ، سواء الوضع الإنساني أو عن الوضع السياسي.

واستهل الإذاعي محمد الخولي مؤسس إذاعة تعز بأن كتاب يوسف الشريف جاء في توقيت مناسب لما فيه من أحداث لشخوص مازالوا على قيد الحياة ، وبأن هذا الكتاب جاء ليجسد لهم ماضي هم كانوا في احتياج إليه لينعش ذاكرتهم ببلد أحبوه وأحبهم ، وأضاف بأن اليمن لها مكانه كبيرة في قلب كل مصري لم يزرها فكيف بمن عاش بين أهلها حلم معهم وعاش معهم انه عشق مضاعف ".

وأوضح أمين يسري سفير مصر السابق باليمن في كلمته الاحتفالية بمؤلف الكتاب بأنه " رغم أنني كنت مصر" في صنعاء قبل وحدة شطري اليمن وبعد قيام الوحدة فقد أدركت أن معرفتي اليمن هي أقل بكثير عن معرفة يوسف الشريف بهذا القطر العربي كما أدركت أنه رغم حبي لليمن" وأهله التي أصبحت متجذرة في أعماقي منذ وجدت أن هناك من يتفوق علي في هذا الحب وتربطه بشعب اليمن العظيم وشائج مطرزة بالحب والبهجة والإخلاص وكم هائل من الذكريات العزيزة المختزنة في أعماق يوسف الشريف وعقله وقلبه وضميره منذ أن وطئت قدماه أرض صنعاء إثر اندلاع ثورة 26 سبتمبر عام 1962 وعلى مدى أربعين زيارة حتى الآن لم يكف خلال هذه السنين عن متابعة معارك اليمن على درب التقدم واللحاق بالعصر، وكان دائما ما يشد رحال الحنين إليه عملا بقول الإمام الشافعي "لابد من صنعاء وإن طال السفر"...

وتساءل السفير أمين يسري، لكن لماذا كل هذا الحب لليمن؟ هنا يختلف يوسف الشريف عن غيره ممن أصابتهم لسعة الحب لهذا القطر، وكل من زار اليمن أصابته هذه اللسعة، لأنه يرى كل ما يحققه اليمن من تقدم يضاف إلى أمجاد جمال عبدالناصر، خاصة الوحدة بين شطري اليمن التي جاءت من حيث التوقيت في زمان الردة لتجبر انكسار الوحدة المصرية - السورية، بل إنها جاءت بمثابة نفحة روحية طال انتظارها وشحنة غير مسبوقة من الفخر والحماس، هبت في الوقت المناسب لترطيب وجدان زوجات وأولاد وآباء وأمهات الشهداء المصريين، حين أدركوا أن عطاءهم وتضحياتهم لم تذهب سدى خاصة بعد كم وألوان حملات التشهير المشبوهة بالدور المصري في اليمن. لقد كانت الوحدة المصرية - السورية أول وحدة عربية في التاريخ الحديث، لكن الانفصال قد وقع وبقيت الوحدة مجرد ذكرى نحتفل بها، لكن قرار عبدالناصر بدعم مصر للثورة اليمنية قد أثمر بخروج اليمن من الظلمات إلى النور وفتح أمامه آفاقا رحبة للتقدم ومواكبة العصر، وأصبح قطرا - خاصة بعد الوحدة بين شطريه- يعمل له حساب، وكل يوم يحقق اليمن تقدما يضاف إلى رصيد الأمة العربية من المغرب إلى المشرق. حب يوسف الشريف لليمن" إذن ليس حبا أفلاطونياً، وليس مبعثه هذه اللسعة التي تصيب كل زائر لليمن"، بل هو ينطلق من حبه لمصر" وإيمانه بالقومية العربية، إنه حب عاطفي وعقلاني كلاهما معا.


مؤكدا بأن اليمن بات يلعب دورا محوريا على الساحة السياسية العربية، وموقعه الاستراتيجي مهم ومؤثر، ويكفي أنه لولا الثورة اليمنية لما أمكن إغلاق باب المندب أثناء حرب 1973 مع تأثير ذلك على المعركة. والأخ الأستاذ يوسف الشريف لا يغفل الحديث عن العلاقات المصرية اليمنية عبر التاريخ، فهو يرى بحق أن العلاقة بين مصر واليمن ذات سمات قدرية حاكمة، ولعلها أشبه بالنظرية العلمية المعروفة  الأواني المستطرقة" فما من انتصارات ونجاحات وفسحة من الأمن والاستقرار تحظى به مصر وما من إخفاقات وتحديات ومظاهر الاستبداد تبتلى به إلا وكانت لكل هذه العوامل الإيجابية والسلبية انعكاساتها المباشرة أو الضمنية على الأوضاع في اليمن بشكل أو آخر والعكس كذلك صحيح!.. وهكذا على مر التاريخ القديم ظل البلدان يشكلان حلقة تفاعل سياسي وتواصل حضاري وأن يلعبا معا أدوارا تكاملية خاصة على الصعيد الاقتصادي أو كوسيط تجارى لكونهما يسيطران على أهم طرق التجارة العالمية بين الشرق والغرب، وتلك الأهمية الإستراتيجية كانت ولا شك مثار الأطماع والعدوان الخارجي. ويمضي يوسف الشريف قائلا: "إذا كان فراعنة مصر قد وجهوا أساطيلهم البحرية عبر البحر الأحمر فالمحيط الهندي إلى بلاد "بونت" وهي الصومال اليوم لجلب البخور لزوم مناسك العبادة والتوابل لزوم الطعام، فلابد أن المصريين القدماء أقاموا فترات في اليمن وتبادلوا المنافع والمعارف مع اليمنيين، وهو ما يفسر الوعي المشترك لدى الشعبين بأسرار تحنيط الموتى تأهبا ليوم الحساب في الآخرة. وأشار إلى ما يؤكد على هذا التلاحم الحضاري بين مصر واليمن، موضحاً ما أسفرت عنه الاكتشافات الأثرية من التماثيل اليمنية القديمة التي تحاكي قريناتها في العصر الفرعوني وبينها تمثال أبو الهول الذي تم اكتشافه في منطقة جبل العود بمحافظة إب، وأشار إلى احتمال أن يكون لملك يمني!"...

ونوه بقدر ما تمتعت بقراءة كتاب الأستاذ الشريف، وقد قرأته أكثر من مرة وهو يستحق القراءة عشرات المرات، ففي كل مرة سوف تجد الجديد الممتع بقدر ما شعرت بالحسرة أنه رأى اليمن وعرفه بأكثر مما عرفت، وعزائي الوحيد أنه زار اليمن أربعين مرة على مدى سنين، بينما إقامتي به لم تدم إلا أقل من ثلاث سنوات. إنه كصحفي أتيح له التنقل بين أرجاء اليمن شماله وجنوبه دون رسميات ودون قيود الوظيفة، وشعرت بالخزي أكثر عندما عرفت من الكتاب من هو عمارة اليمني الذي سمى باسمه شارع في حي الزمالك قريب من بيتي كثيرا ما سرت فيه وكنت دائما أشتاق لمعرفة السبب الذي من أجله أطلق هذا الاسم على هذا الشارع، واكتفيت بتفسير غير صحيح أنه إذ ربما أن شخصا يمنيا أقام عمارة - أي بناية- في هذا الشارع فسمي كما هو متبع باسم مالك هذه العمارة، وعرفت من كتاب يوسف الشريف أن عمارة اليمني هو اسم أول سفير "لليمن" في مصر إبان الحكم الفاطمي وهو صاحب كتاب قيم عن "النكتة المصرية" وكتاب "الوزراء المصريون"، فضلا عن أنه كان أول من عرف العرب بشعراء اليمن وأدبائه آنذاك. يوسف الشريف في كتابه هذا كان سندباداً طاف بأرجاء اليمن شماله وجنوبه مشرقه ومغربه، وهو سندباد لم يقف عند الجبال ولا السهول إنما نزل إلى البيوت ودخلها وعايش أهلها ووصفهم بأدق التفاصيل وأوضح الفروق، فأهل تعز غير أهل كوكبان وأهل صنعاء غير أهل حضرموت مع أنهم كلهم يمنيون، بل هو يقترب ممن عرفهم ويعرفنا كيف تزوج محسن العيني رئيس الوزراء اليمني الأسبق، ويعرفنا بزوجته التي صارت صديقة لزوجته، ويعرفنا مثلا بالشيخ عبدالله الأحمر -رحمه الله- شيخ مشايخ قبائل حاشد، فأعرف ما لم أكن أعرف، رغم ما كان يربطني به من صلة وثيقة، بل ما من شخصية يمنية قبل الثورة وبعدها إلا وجدت عنها الكثير الذي يجعلك عارفا بها وكأنك تعرفها منذ زمان طويل. يقول يوسف الشريف إنه لا يعادل علاقة الحب الصوفي التي تربطني بالسودان" بعد مصر سوى عشقي لليمن" وأهل اليمن، وإذا كانت مصر الوطن والانتماء فالسودان" يمثل التخوم الجنوبية في ذاتي - على حد وصف أديبه الكبير الطيب صالح في تقديمه لكتابي "السودان وأهل السودان"-

وأكد يسري على أن اليمن وعلى سفوح جباله ووديانه دارت أعظم الملاحم في تاريخ مصر القومي المعاصر عبر أنهار الدماء وتصاعد أرواح الشهداء اليمنيين والمصريين دفاعا عن الثورة اليمنية، وحق اليمن في الحياة واللحاق بالعصر بعد قرون من الظلام والعزلة والتخلف، إذ كان حظي سعيدا ونصيبي الصحفي وفيرا حين قدر لي شهود الملحمة من بدايتها ومتابعة معاركها وتداعياتها التي كللت بالوحدة. يقع كتاب يوسف الشريف في 499 صفحة وضم 233 موضوعا كلها تتعلق باليمن" وكلها شيقة وكلها موضوعية، إنه ألف كتاباً في كتاب واحد.

حضر الاحتفالية جلال عارف نقيب الصحفيين المصريين السابق ، والأديب الكبير بهاء طاهر بالإضافة إلى لفيف من  الإعلاميين والأدباء والصحفيين ، ومن الجانب اليمني الأخ عبدالودود المطري المستشار الإعلامي المساعد.