الخميس“ 25 أبريل 2024 - 07:55 م - جرينتش

شروخ في جدار الوطن (12) جزء 2


بقلم/ د. عبد الولي الشميري 
الجمعة 14 ديسمبر-كانون الأول 2012م
 
لقد تلقيت على صفحتي facebook.com/shemiry تساؤلات ناقمة من بعض المغرمين بالشعارات الثورية القديمة ، والذين أساءهم نكران الإنجازات التي تحققت على ايدي المغامرين القدامى في كل من صنعاء وعدن، إثر حكم الثورتين سبتمبر وأكتوبر، بعد استلامهم الحكم وتحدثوا أن الإنجازات الثورية بعد جحيم الاحتلال البريطاني، والنظام الإمامي للدولة المتوكلية، كانت عدالة وحرية ونهضة وتقدماً وأنهم حولوا الشمال إلى عصر النهضة، ومجد الحضارة، بعد التخلف والظلام، وكذلك بعض الرفاق القدامى في الجبهة القومية غضبوا لعدم إنصاف الجبهة القومية بإنجازاتها الثورية في عدن، بعد جلاء الاحتلال البريطاني، واعتبر بعضهم تلك الشهادة على التاريخ تحمل تجنيا ومجانبة للحقيقة، ومن أجل تلك الردود الغاضبة أقدم الاعتذار لآبائي وإخواني أولئك النبلاء مع أني أعتقد أن الجميع بحاجة لشهود عدول أجلاء من معاصري تلك الحقبة التاريخية، يشهدون بما كان عليه الحال، وكيف صنعوا بعد الاحتلال البريطاني جناناً في عدن، وحدائق في صنعاء، ، فصار لزاماً عليّ أن أقدم برهانين الأول شهادة للجيل الجديد من أبناء الجنوب الذين ولدوا فيما بعد، شهادة للشيخ العالم المفتي المحدث الخطيب الشاعر محمد بن سالم البيحاني رحمه الله، الذي شهد عصر الاحتلال في عدن، وكان إماما وخطيبا لجامع العسقلاني في كريتر، وصاحب المعهد الديني الشهير الذي تخرج منه كبار علماء اليمن يصف ما كان عليه الحال أيام الاستعمار وأيام الجبهة القومية بعد التحرير فتابعوها معي: 
آح ياقلبـــي المعنـــى ثم آح    لست أدري لست أدري هل يباح 
أم حرام في الأقاويل الصحاح    أن يـبـث المراء آلام الجـــــراح 
نبئوني ياصماصيم الكفـــاح    ما عـلى الصــب إذا ما قــال آح 
ياليالي الوصل في هذا الوطن    لا أراك الله فصــلا مـن عــدن 
يابلاد الأنس في ماضي الزمن    مــا الــذي فـرقنــا حتــى يُظن 
أن وقـت الأنس قد ولـى وراح    مـا علـى الصـب إذا مـاقــال آح 
أين ذاك الأنـس أين الانبسـاط    حينمـا يمتـد للنـاس البســاط 
فـي مكـان بالمسـرات محـاط    وكأن القـوم قد جـازوا الصـراط 
في سـرورِ وحبــور ومـزاح   مـا على الصــب إذا مـاقــال آح 
 جلسـة فـي عدن قبـل قليـل    مـالها واللـه في الدنيــا مثيــل 
يتبارى الناس أصحاب المقيل   ما الـذي صـــار لقيس وجميـــل 
ومع القات وضـرب بالقـداح   ما علـى الصـب إذا مـا قـال آح 
 والأغانـي من كـلام الآنسي   بخيـــال شــاعــري خـانس 
يصـف الغـصـن كقد مائس   لفتــاة ذات طـــرف نــاعـس 
يتثنـى بين ورد وأقـــــاح   ما علـى الصـــب إذا مـاقـال آح 
وبيـوت اللـه كـانت عامره   بـرجـــال يعمــرون الآخــره 
حلقـات العلم فيهـا زاخـره   بــوجــوه زاهـــرات نيــــره 
في اجتماعات مساءٍ وصباح   مـا عـلـى الصـب إذا مـاقـال آح 
أين بالله اجتمـاع العظمــا؟    مـن فــلان وفــلان الحـكـمــا 
ذهب العلم ومـات العلمـــا   وأرى الأرض لأصحــاب السمـا 
سلمت ماكان فيها من صلاح   مـا علـى الصــب إذا مـاقـال آح 
يارجالاً في رحاب العيدروس   أين ما في العسقلاني من دروس؟ 
و(أبانٍ) حيث ترتاح النفوس   أفنحن اليوم في حرب البسوس؟ 
تغمد الكتب ويسـتل السـلاح    مـا عـلـى الصـب إذا مـاقــال آح 
عجبا من لـؤلـؤ فـوق ذهـب   تنثـر الأشيــــاخ علـمــاً وأدب 
من كلام المصطفى خير العرب   حينمـا يقــرأ فــي شهـر رجـب 
ليلـة الخـتـم وعند الافتتـاح   ما عـلـى الصـب إذا مــاقــال آح 
ثم نحن الـيوم في هذا البـلد   لايـــرى في السوق منـا من أحد 
خشية أن يقتل الثعل الأسـد   هكــذا الوضع إذا الوضـع فسـد 
تختفي العمة من تحت الوشاح   مـا علــى الصــب إذا ماقــال آح 
عدن كـانـت بمـا فيهــا تعـج   بين مــن يهمـس فيهــا أو يضج 
وازدحام الناس فيهـا مـزدوج   جـوهـا يمسـي من الطيـب أرج 
والتراب اليوم تحثوه الريـاح   مـا علـى الصـب إذا مـاقــال آح 
كنت لا تشهد فيهـا عقــربـــا   أو ذبــابــاً أو ركـامــاً متــربا 
بلــغ السيل كمــا قيــل الزبى    وعــلت أوسـاخه فــوق الربــا 
والمجـاري سـددت والمستـراح    مـاعـلى الصـب إذا مـاقـــال آح 
بعد أصـوات الملاهي والغنــا    صــرت لاتسمع شيئــاً من هـنا 
غير صوت الرعب من خلف البنا   بنـــدق أو مـــدفـــع يفـــزعنـــا 
وصياح الجن من فوق الضياح    مـا علــى الصــب إذا مـاقــال آح 
تفزع الأطفـال بـل والأمهــات    طلقــات النـار مـن كـل الجهــات 
ومقال البعض خذ مني وهـات   وعضــال الــداء تفتيش البنــات 
يرفع الستر بأطراف الرمــاح   مـا علـــى الصــب إذا ماقــال آح 
وإذا الشمس تدانت للغــروب   كـاد شمسان من الخــوف يـذوب 
ربنا عجل بتفريج الكـــروب   هــذه الأفــواه تـدعــو والقلـوب 
تطلب العفو وترجوك السماح   مـا علــى الصـــب إذا مـا قــال آح 

 وإذا استوعبنا هذه الشهادة للشاهد الذي ألف أكثر من أربعين كتابا وطبع منها أكثر من خمسة وثلاثين كتابا ولقي ربه 1972م في مدينة تعز فهل من ينكره؟. 
أما الشهادة العدل عن انجازات الثور السبتمبرية في الشمال فأستسمح الغاضبين أيضا أن يستمعوا لشهادة أبرز ثوارها وأشهر زعمائها وأحد الشهداء فيها الشاعر الثائر أبي الأحرار محمد محمود الزبيري وهو يشهد على إنجازات الثوار المغامرين القدامى ويصارحهم بهذه القصيدة، وقد لقي ربه في برط سنة 1965م فهل من ينكر هذه المنجزات اسمعوها: 
هذا هو السيف والميـدان والفـرسُ      واليوم من أمسه الرجعي ينبجــسُ 
 ما أشبه الليلة الشنعاء ببارحـة      مرت وأشنع من يهوى وينتــكسُ 
 كأن وجه الدجى مرآةُ كارثــــة      يرتد فيها لنا الماضي وينعــــكسُ 
 وكل من رام قهر الشعب متجـه      لها يريد الهدى منــها ويقتــــبس  
يقلدون أفاعيل “الإمام ولــــــو      رأوه يرفس من صرعٍ به رفســوا 
هذي القوانين رؤياه تعاودهـــم      قد ألبسوها لباس العصر والتبسوا 
روح “الإمامة” تجري في مشاعـركم      وان تغيــــرت الاشكــــال والأسـسُ 
 متى حكمتم بقانون وقد قتـل ال      آلاف أو سحقوا كالدود أو كُنســوا 
عار على صانع القانون يكتبـــه      وكفـه في بحـار الـدم منــغــمس 
كفى خداعا فعين الشعب صاحيـــة      والناس قد سئموا الرؤيا وقد يئســوا 
و“البدر” في الجرف تحميه حماقتكم   وأنتمُ، مثلمــا كنتـــم، له حــرسُ 
 لولاكمُ لم يقم “بدرٌ” ولا “حسـنٌ      ولم يعد لهمــا نبـض ولا نفَـــسُ 
 لم القوانين.. فن الموت في يدكـم      والحقد رائدكم والحق مرتـكـــسُ 
 وأنتم عودة للأمــس قــد قبـــر      الطـغاة فيكم وعادوا بعدما اندرسوا 
 وأنتمُ طبعةٌ للظلم ثــانيـــــة       تداركت كل ماقد أهملوا ونســــوا 
إن شئتمُ فاقتلوا من ليس يعجبكم   أو من تــرون له في قربكــم دنسُ 
وأحرقونا بغاز كل ما اجتمــــع الأ      احرار أو فكروا في الرشد أو حدسـوا 
وعاتبوهم متى شئتم عتابكـم الــ      طاغي اذا سعلوا في النوم أو عطسوا 
من حظكم ان هول الأمس مستتـر      عنكم وان شعاع الشمس منطمسُ 
 وإن صوت الخراب الفض أغنيـة      ترتــاح انفسكـــم منها وتــأتنسُ 
 أوراقكم لشراء الشعب تذكرنــا      ما باعه قسس بالصك واختلســوا 
أتنكرون عليهم بيع جنتهـــــم؟      يا قوم لا تخدعونا كلكــــم قسسُ 
 قانونكم لاغتصاب الشعب مهزلة   كترهات إمـامٍ مسّـــه الــهـــوسُ 
 والحكم بالغصب رجعيٌّ نقاومه      حتى ولو لبس الحكام ما لبســوا 
 والظلم يعلنه القانون نفهمــــه      ظلماً، وإن زينوا الالفاظ واحترسوا 
والموت من مدفعٍ (حرٍ) نقــول له      موتـا وإن أوهمـــونا انه عـــرسُ 
والمستشارون في القانون لو حضروا   حرباً لما كتبــــوا حرفاً ولا نبسوا 
يلفّقون قوانين العبيــــد لنــــا      ونحن شعب أبيٌّ مــــــاردٌ شرسُ 
ليت الصواريخ أعطتهم تجاربهـا      فإنها درست أضعــــاف ما درسوا 

تنــويــــه : 
حصل تداخل من المصدر في ترتيب ابيات مقاطع القصيدتين ضمن مقال الدكتور عبدالولي الشميري المنشور في عدد الاثنين الماضي لذلك نعيد نشر تلك المقاطع. 
shemiry@shemiry.com