الجمعة“ 3 مايو 2024 - 09:52 ص - جرينتش

كلمه الدكتور الشميري في وداع الدكتور /عبدالقدوس المضواحي


   كلمه الدكتور الشميري في وداع الدكتور /عبدالقدوس المضواحي

كل ابن أنثى ولو طالت سلامته

يوما على آلة حدباء محمول

قبل خمسة وثلاثين سنة وكان سني دون العشرين كنت مدرسا لمادة البلاغة والعروض في مدينة الحديدة وذات مساء نقلني الزملاء والتلاميذ وفي مقدمتهم الشهيد عباس عمر عبد الله تغمده الله بالرحمة مسعفا الى مشفى العلفي ودرجة الحرارة في جسدي تجاوزت الأربعين درجة وكذلك  كانت حرارة الطقس وكان الوقت في ساعة متأخرة من الليل لم نجد طبيبا ولا مساعد طبيب.

وفي حيرة من الأمر دلنا أحد الممرضين على رقم هاتف للدكتور الأهم في المشفى واسمه عبد القدوس المضواحي. ..
لم يكن متوقعا أن يرد في تلك الساعة المتأخرة أي طبيب فكانت المحاولة اليائسة ولأول رنة رفع ذلك الطبيب السماعة ورد على الفور أخبره الممرض بحالة طارئة لمريض اسمه عبد الولي الشميري لا تشخيص لحالته بعد فأغلق الهاتف وظن الجميع أنه عاد للنوم وبدأ الممرض يفشي سرا أن الطبيب المناوب ذهب لمنزله في مدينة العمال وسيعود بعد ساعتين وأن علينا أن ننتظره.
وقبل أن يعود وفي تلك الحيرة المحزنة بدأ التقيئ المتوالي فهذا يقول الزائده وهذا يقول اسبابا أخرى ولكنها دقائق فقط وإذا بشاب وسيم ممشوق القامه قد دخل وفي يده حقيبة طبيب وإذا به الدكتور عبد القدوس المضواحي الذي عرفته لأول مرة ليلتها وقام بأسرع وقت للتدخل الذي انتهى فيما بعد بالشفاء....

ليس هذا هو الشاهد ولكن عندما ذهبت لمراجعته في العيادة بعد ثلاثة أيام استقبلني ببشاشة ولطف قريب من القلب تحول المريض صديقا للطبيب وتكررت الزيارات والمناقشات الفكرية وكان الدكتور عبد القدوس صاحب فكر عروبي وانتماء حزبي غير معلن يومها لكن حاول كل منا أن يقنع صديقه بفكره الذي اقتنع به ثم اتفقنا أن نتعاون لخدمة اليمن كل من حيث كان وكانت لنا لقاءات واسرار في رؤية مستقبل اليمن ولم تتباعد الاتصالات واللقاءات بالرغم من تغير موقع عملي وتخصصي حتى ذات يوم أبلغني صديق مشترك برسالة شفوية حزينة أن الدكتور قد أقفل عيادته وفر من الحديدة إلى وجهة غير معروفه فرارا من مطاردة الأمن السياسي لغرض اعتقاله كان العام1978م وابلغني الصديق أن الطبيب المضواحي متهما بالضلوع والمشاركة في التخطيط للإنقلاب الأبيض الذي نفذه حزبه الناصري ضد الرئيس الجديد الذي كنا ما نزال نحاول حفظ اسمه علي عبد الله صالح بعد توليه الحكم بستين ليلة فقط وعلى خلفية الانتقام للرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي الذي كانت ألسنة الناس تذكر

الرئيس المنقلب ضده واتهامه بشراكة الرئيس الغشمي الذي تولى الحكم بعده وورثه لزميله علي عبد الله صالح كان خبر اشتراك طبيبي في الانقلاب العسكري غير محل تصديق عندي ومطاردته أمنيا غير مقنع لم أكن أدرك يومها حقيقة مستوى طبيبي الدكتور عبد القدوس في الجمع بين الطب والثورة الجدير بالذكر أن صديقا مشتركا لا ارغب في ذكره الآن كان يتولى نقل الأخبار ويطمئني على أن طبيبي بخير.


ودار الزمن وعاد طبيبي الى خشبة المسرح السياسي وليس الى عيادته عاد ولكن زعيما وفي أول اتصال له سألني هل مازلت تحتفظ بروشتة الدواء التي كتبتها لك ذاك المساء أجبته نعم فقال حافظ عليها واجعلها من مذكراتك بعد عمر طويل. ثم انطلقنا الى أحاديثنا (العذبة و المرة) عما كان ويكون وفي صنعاء ومقيلها ولقاءاتها حتى خرجت الى مصر مندوبا دائما لليمن لدى الجامعة العربية كان صديقي الطبيب لا يصل مصر دون إبلاغي قبل ولا يرحل عنها قبل أن نجد مجلسا أو مجالس للبوح والتشاكي للواقع وانظوت الأزمنة وجاني ذات مساء وأنا سفير لليمن لدى مصر وهو يشعر بالاحباط من تناقض الرفاق وتشرذمهم في كل الأحزاب ويشكوا أن فرقاء العمل السياسي عاجزين عن تحقيق مأرب الشعب أو صناعة المستقبل وكان يتنفس الصعداء زفرات حراء وشكا الي تدهور حالته الصحية وتعدد أزمات الجسد وهو يحمل في يده أدوية وفي عينيه بريق امل بالعافية وفي سنة 2011 وبعد انطلاق ثورة الشباب المباركة شارك بقوة وأعادت لروحه القوة والثقة وكان يوافيني برسائله واخبار ساحة التغيير والمد الثوري ويطالبني بأمور لا محل لذكرها هنا وفي لحظة قاصفة من الزمن ابلغني بمجيئه الى مصر للعلاج وتمنى أن أعود من لندن لنتجاذب أطراف الحديث عن المستقبل والثورة والتغيير وتواعدنا ولكن كان على موعد مع الله ليلقاه أولا بأزمة مفاجئة دون انتظار وصولي من لندن .

 

قل للطبيب تخطفته يد الردى

يا شافي الأمراض من أرداكا

وهاأنا اليوم في تأبينه بنقابة الصحفيين بالقاهرة أرى في عين ولده النجيب نفس توثب أبيه وأعانق جرحى ا لثورة اليمنية الحاضرين من الذين يعالجون في مصر وفي مقدمتهم الدكتور محمد الظاهري شفاه الله
فسلام عليك ورحمة الله يا طبيبي المناضل عبد القدوس المضواحي والى فردوس الله
أخوك د عبد الولي الشميري

ويجلس الى يميني في التأبين عبد الناصر بن خالد حفيد الرئيس جمال عبد الناصر كما بكى وأبكى الرئيس الأسبق علي ناصر محمد في كلمته المؤثرة غير أن الأستاذ علي محسن حميد قد فصل واستوفى سيرة الراحل المناضل في كلمته المفصله.
ولقد كانت رسالة الأستاذ المناضل محمد باسندوة رئيس الوزراء إلى روح الراحل المناضل سبيكة أدب في عالم مناجاة الأرواح