الجمعة“ 26 أبريل 2024 - 02:00 م - جرينتش

مشكلة (عبد حمود) في كل بلد


من اجل القضايا العربية 

الأهرام المسائي

 

عجبت وأنا أتابع أسماء المطلوبين من القائمة الأمريكية بعناصر القيادة الخطيرة إلي جانب صدام حسين في العراق،‏ حيث كان المطلوب الرابع بعد صدام حسين ونجليه عدي وقصي شخص يسمي "عبد حمود"، وتساءلت مع عدد كبير من الناس والمهتمين عن صاحب هذا الاسم الذي لم أسمع به من قبل في مجلس قيادة الثورة،‏ ولا الحزب،‏ ولا،‏ولا‏...‏ رغم أني أزعم وأدعي كثرة المتابعة والتتبع الأخباري,‏ والصحفي،‏ والسياسي،‏ والتحليلات الكثيرة،‏ فلم أدر كيف مر هذا الاسم دون الاحتفاظ في ذاكرتي المكتظة بالأسماء، والأخبار.

هل لأن تبلدا وذهولا قد احتل ذاكرتي؟ أم أن المفاجئات السياسية في التشكيل البوليسي العربي لن تنتهي علي الإطلاق, وكنت أعتقد أن السيد وزير الدفاع العراقي والسيد وزير الخارجية،‏ والسيد وزير الإعلام وغيرهم ممن نسميهم أصحاب الحقائب السيادية الهامة هم الذين تلي أسماؤهم اسم الرئيس صدام وأبنائه علي قائمة المطلوبين‏.‏ بل كنت أعتقد أن يكون أعضاء القيادة العراقية هم الأخطر والأكثر علي قائمة المطلوبين‏.‏

غير أنني ومعي كل المهتمين فوجئنا بان عبد حمود المغمور هو المطلوب أكثر من السيد طه ياسين رمضان،‏ وأكثر من عزة إبراهيم وأكثر من وزراء الوزارات السيادية الهامة،‏ بل إن وزراء الدفاع،‏ والإعلام,‏ والخارجية غير مطلوبين كيف ذلك حدث؟لا أدري؟؟‏!!

المهم أن الشاعر العربي كان صادقا عندما قال‏:‏ ويأتيك بالأخبار من لم تزود عبد حمود تكشفت الأخبار بأنه رجل المهام الصعبة والعمليات الحرجة في حياة الرئيس صدام حسين وأولاده،‏ وهو الذي كان يقود الدولة،‏ ويسوس الجيش،‏ والسياسة،‏ والأموال،‏ والإعلام والإعدام من خلال سيطرته علي مركز عقل الرئيس المنهزم صدام حسين حيث كان عبده حمود إذا قال كلمة في أي أو مع من كان من رجال الدولة فلا يستطيع إلا أن يقول كما قال الشاعر‏:‏

إذا قالت حذامُ فصَدِّقوها  **********  فإنَّ القولَ ما قالت حذامُ 

وعبد حمود الذي لا يعرف له دراسة ولا مؤهل علمي ولا حياة حافلة في الميدان العسكري صعده القبول إلي رتبة عسكرية عليا جدا دون عناء،‏ وقد حالفة النجاح حتى أصبح الأنيس والجليس للرئيس صدام حسين،‏ والحارس وقائد حرس القصر والموكب والمنزل‏.

والذي يوجه وزير المالية‏.‏ والدفاع،‏ والأمن,‏ والسياسة الخارجية،‏ بدليل أن الوزراء غير مطلوبين وهو مطلوب‏.‏ وهو الذي كان يعز من يشاء ويذل من يشاء كيف وصل إلي تلك المكانة؟ ماذا عمل من خلالها؟ كيف تسلق صخور البعث وتسور أسوار الثقة؟ وثم ماذا صنع بها هذا الرجل اليوم في قبضة الأمريكان أسيرا وهو الأكثر اطلاعا علي كل خطايا وخبايا الرئيس صدام حسين، وأعوانه وهو وحده الذي يعلم جحراً اختبأ به صدام حسين،‏ وأولاده.‏

هذا الرجل لا يعلم أهو سلم نفسه عن طواعية أم في حالة الفرار‏؟ أم هو سر الهزيمة التي لحقت بصدام حسين،‏ وسبب من أسبابها بسلوكه أو بقمعه أو بذكائه أو بتآمره السري؟ المهم أن الرجل بات يخرج كل ما في حوزته من معلومات،‏ وأخبار،‏ وأسرار،‏ حتى مخدع نومه، وربما كان اعتقاله أحد أسباب اكتشاف مخبأ ابني صدام حسين،‏ بل وصدام حسين نفسه إذا سمحت له ذاكرته.

أما بعد:

كم‏ (‏عبد حمود‏)‏ يحكم في الشعوب العربية من وراء الزعماء العرب؟ وكم عبد حمود يقود مسيرة السياسة العربية بدون صفة؟ وكم عبد حمود ممن لا نعرف يقود العقول ويؤثر علي صناعة القرار حتى يصل بالبلاد إلي الهاوية ثم يكون أول المستسلمين لمن يحتلون البلاد؟ ماذا علي عبد حمود وعلي صدام حسين أيضا لو قاتلوا حتى الموت وقتلوا في بغداد؟‏!‏

 ألم يكن ذلك أشرف وأكرم من الهروب والفرار والأسر ومنظر قصورهم وهي منتجعات لجيوش الاحتلال؟ ماذا يستفيد العراق أو الأمة أو حتى عوائلهم من حياة هؤلاء الآن سوي استمرار الأحزان,‏ والفجائع والفضائح؟ إنني أرجو الله أن تكون البطانة لكل حكامنا هي التي يعرفها الشعب ويعلن عنها الزعماء،‏ وليس عبد حمود وأمثاله‏. 

 د. عبد الولي الشميري