الأربعاء“ 24 أبريل 2024 - 11:00 ص - جرينتش

الوضع العربي على مستوى القمم العربية غدا وضعًا شكليًا لا فعليًا


 مايو- العدد (553) - الخميس 20 جماد أول 1425هـ - 2004/7/8م
الدكتور/ عبد الولي الشميري يكشف ل (22 مايو)
• الأنظمة العربية باتت تمثل دور المريض الذي يكتب روشتة علاجه بنفسه!!!.
• والوضع العربي على مستوى القمم العربية غدا وضعًا شكليًا لا فعليًا..!! 

الحوار مع الكاتب والدبلوماسي والمثقف والشاعر الدكتور/ عبد الولي الشميري مندوب اليمن الدائم لدى جامعة الدول العربية ورئيس وصاحب مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون بصنعاء ورئيس ومؤسس منتدى المثقف العربي بقاهرة (المعز)، أكثر من شيق وأكثر من ممتع صراحة بل أنه مجرد تبادل أطراف الحديث متعة في حد ذاته معه وتحليق في فضاءات رحبة وواسعة كيف لا ومن تحاوره واحد من رجالات السياسة والدبلوماسية والثقافة الكبار بل في حد تعبيري أنه (أدهم صبري اليمن) بدون منازع.
نعم، ولكن مع (التأكيد) على وجود الفارق بينهما (فأدهم صبري) رجل مغامرات وصاحب حكايات استخباراتية فريدة تعتبر ضربًا من خيال بيد لمن الثاني رجل ثقافة وسياسة ونبل وإبداع وتيزه وهذه خصوصيات قد لا ينكرها أحد..
في هذا الحوار الذي أجرته صحيفة (22 مايو) مع الدكتور/ عبد الولي الشميري على خلفية زيارة (نقاهة) لبلده الأم بعيدًا عن أجواء وملابسات البيت العربي الآيل للسقوط ربما في كل لحظة وثانية. فتح مندوب اليمن الدائم لدى الجامعة العربية قلبه على مصراعيه كاشفًا جملة مواضيع وأجندة على مختلف الصور فكان الحوار أكثر من شيق في حين بدأ السفير الإنسان د/ عبد الولي الشميري كعادته متواضعًا.. هادئًا فليس التعبير.. جادًا في الطرح.. وأخًا كريمًا قبل كل شيء..!! على مدى ساعة ويف دارت عجلة الحوار مع الدكتور/ الشميري حتى تمنيت لو أنه استمر أكثر.. ليس لشيء ولكن لأن من تحاوره دبلوماسي ومثقف من طراز نادر فضلا عن كونه محاورًا فطنًا يمتعك بأطراف الحديث حتى سرعان ما تجد نفسك محلقًا في آفاق الروح فتنسى كل أحزانك وهمومك التي باتت روتين ملازم لك على الدوام.
هكذا وجدت الدكتور/ عبدالولي الشميري وهكذا كان الحوار متشعبًا كتشعب أفكاره ومداركه، وإن لم يكن حوارًا شاملا أصلا إلا أنه كان لزامًا أن ننشره كاملا.. لما فيه من شجاعة طرح وقوة تعبير، صدق بوح، فإلى حصيلة اللقاء: 22 مايو/ التقاه: صدام الزيدي:


- الشميري إن الحديث والتحاور معك ممتعًا وشيقًا إلى هذا الجد وبالتقليل كيف لا يكون الحديث ممتعًا ومن تتحاور معه من طراز نادر ومثقف وباحث سياسي وشاعر وسفير لبق كمن يقف أمامي هذه اللحظة. لا أثقل عليك دكتور/ عبد الولي فقط أقول برأيك هل ثمة قطيعة بين المثقف والسياسي. وكيف تمكن الدكتور/ عبد الولي الشميري من تجاوز هذه القطيعة؟ (22 مايو) 
-  الحقيقة.. القطيعة فعلا موجودة بين المثقف والسياسي.. فيه قطيعة كبرى وكل متهما ينظر إلى الآخر وكأنه النقيض أو كأنه الغير أجدر بما هو فيه، لكن الحقيقة عندما ينسى الإنسان شخصيته ويجد نفسه ويجردها لرسالة معينة في الحياة فإنه يهون عليه كل شيء وبإمكانه أن يتوائم بين شتى الاتجاهات وشتى المسالك وشتى التخصصات والمشارب لأن الحياة السياسية تعتبر هي حياة فكرية وحياة عملية أيضًا والحياة الثقافية حياة فكرية وحياة عملية أيضًا اللهم إلا أن الجانب الثقافي في جانب تنظيري وجانب يكان يكون ذوقيًا، والحياة السياسية فيها نوع طبعًا من ألا تقول ما تعلم وأن تقول ما لا تعلم، فيها شيئًا من هذا القبيل لكن أعتقد أنني وسعت في بداية الأمر متطلبات التوائم بين الاثنين.


- أنتجتم "درر النحور" عبارة عن دراسة نقدية وتحقيق عن ديوان الشاعر ابن هتيمل وثلاثة دواوين شعرية فضلا عن جزئين من خواطر وذكريات وغيرها، برأيك هل أنت راض عما قدمته حتى الآن؟
-  أولا، أنا سعيد جدًا بما أنجز لكن الرضا أعتقد كل من أصدر كتابًا اليوم يطلع عليه غدًا فيقول لو لم أصدر بالأمس لأضفت إليه كذا أو لحذفت منه كذا، ودائمًا العمل البشري يظل مكللا بالقصور ويتمنى صاحب كل ذي عمل أن يكون أكثر إتقانًا، لكنني أحس أنني أصارع في مناح شتى من مناحي الحياة السياسية أو الحياة الاجتماعية أو العلاقات على المستوى الشخصي، فأستغل ساعاتي وإن كانت أحيانًا ضيقة سواء كنت على متن الطائرة أو في السيارة أو في المقهى أو في أي مكان لتقديم بصمة على سبورة الحياة في المجالات التي أحس أنني أحسنها، وأبدأ بالأدب والثقافة والشعر والتاريخ وهذه أعتقد أنها بصمات على سبورة الحياة سيعرفنا بها القادمون من بعدنا من الأجيال القادمة، لكن حقيقة لم أكن راض كل الرضى عنها، ولست ساخطًا عليها، ولكنني أرجو أن أخرج أعمالا أخرى، وبين يدي مجموعة من الإصدارات وقد صدر لي بعدها (أوتار) و(حنين) و(قيثار)، وهذه هي طبعًا أعمال إبداعية، أتمنى أيضًا المزيد من إصدار أجندتي في سلسلة، وحيقة العمل الذي يشدني دائمًا إليه هو وجدانياتي في الشعر (وجدانيات) وهذه الوجدانيات دائمًا تشدني وأأنس إليها كثيرًا ولكني لا أحاول إخراج كل وجدانياتي لأن مجتمعنا اليمني قد لا يطيق تحمل كل ذلك ولكن أخرجها بالتقسيط أو جرعات كما يقال قد تكون مقبولة لمن يأتي من بعدنا.


- المنتديات الثقافية العربية والنخب المثقفة العربية، أين هي بين متغيرات الساحة العربية برأيكم؟ (22 مايو) 
-  يؤسفني جدًا أن أقول أن الساحة الثقافية العربية محتاجة إلى إصلاح ثقافي وأن هناك فساد سياسي يرادفه فساد ثقافي، لأن إصلاح الوضع الثقافي مهم كأهمية إصلاح الوضع السياسي في وطننا العربي والنخب هذه للأسف أصبح بعضها راكدة جامدة عندها قدرة على أن تقدم شيئًا وبعضها مباعة ليس لها إلا أن تقول نعم وبعضها للأسف الشديد أصابها انطواء شديد جدًا نتيجة لما تتعرض له من مجاعة ومن حاجة ومن فاقة ومن عدم قدرة وعدم تمكن فآثرت الانطواء على نفسها، وتنتظر أن ترحل عن هذه الدنيا بحرمانها من عالم آخر رحل إليه من كان قبلها.
 

الوضع العربي.. مزعج جدًا..!!
• الأخ السفير الدكتور/ عبد الولي الشميري مندوب اليمن الدائم لدى الجامعة العربية نرحب بكم في مستهل هذا الحوار، وبداية حوارنا معكم يا ترى إلى أين وصلت الخطوات داخل أروقة الجامعة العربية حول إصلاح البيت العربي؟ (22 مايو) 
-  إن الإصلاح السياسي في الوضع العربي في حالة مزعجة جدًا لأن هناك عددًا من الروشتات الإصلاحية للوضع السياسي العربي، أولها: من أمريكا والتي سمتها "الشرق الأوسط الكبير" وتريد تذويب المنطقة العربية داخل منظومة شرق أوسطية كبيرة منها إسرائيل وباكستان وتركيا وإيران، وهذه الورقة صحيح أنها لم تتعرض كثيرًا للجانب الثقافي والاجتماعي لكنها تعرضت للجانب السياسي بالذات بشكل أزعج عددًا كبيرًا من الأنظمة العربية، وذهبت الأنظمة العربية تقدم مبادرات لإصلاح الوضع العربي بديلة وتجاهلت كل الأوراق التي تقدمت بها الدانماك والاتحاد الأوروبي وإيطاليا بالذات وأمريكا وغيرها، وذهبت الدول العربية تقدم بدائل، أوراق عربية المنشأ، وتقول أن أيما إصلاح نشأ بفكرة أجنبية أو مستوردة مرفوض لأن شعوب الأمة العربية لم ترحب به، لكن يأتي الرد الأمريكي لأن المستهدف بهذا الإصلاح هو الأنظمة العربية وهي تمثل دور المريض، ولا يمكن للمريض أن يكتب روشتة علاج لنفسه، ولو كان قادرًا على معالجة أوضاعه بالوصفات الإصلاحية للأوضاع العربية لكان أصلح نفسه من قبل، فلماذا الآن كثرت؟ ورقة مصرية، ورقة سورية، ورقة ليبية، ورقة قطرية، ورقة يمنية إلى غير ذلك طبعًا، وفي الأخير القمة العربية اتفقت على (وثيقة عهد) التي قدمها الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، وفيها التزام ديني، وليس التزام سياسي لأنها بدأت بالقسم والقسم التزام ديني.
طبعًا الشعوب العربية تنظر إلى هذه الوثيقة كأي قسم من العهود التي يتعهدها الحكام العرب، تنظر إليها بعين الشك، هل ستنفذ هذه الوثيقة أم أنها ستظل عبارة عن امتصاص لغضب؟ أو عبارة عن جسر تعبر به المرحلة؟ والعالم الآخر وهو الغرب يرى بأن الالتزام الديني هو قضية غير مطلوبة الآن والالتزام السياسي هو المطلوب، ولكن يبدو أن العام الحالي يجري فيه مخاض لميلاد ورقة إصلاحية طموحة للأنظمة العربية قد لا تحسم إلا في قمة الجزائر القادمة في مارس القادم والله أعلم.!!


موقف اليمن والجامعة من موضوع (غزة)
• دكتور/ عبد الولي الشميري، ترى ما هو موقف الجامعة العربية عمومًا والجمهورية اليمنية على وجه الخصوص من موضوع الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة؟ وما هو البديل برأيك؟ (22 مايو) 
-  أولا: الرأي العام لا يدرك أن إسرائيل كانت أصلا منذ زمن بعيد تحس بأنها متورطة في غزو قطاع غزة لأنها ليس فيها أصلا يهود مستوطنين من قبل ثم هي شبه جزية محاطة بعالم عربي ملتهب ومتدفق ثم لم يكن في قطاع غزة شيء تستفيده إسرائيل وإنما هي عبارة عن دائرة نفوذ فقط، فكانت من قبل تحاول تقديم هدية إلى مصر، ولكن مصر أدركت أنها ستكون عبارة عن القشة التي تقصم ظهر البعير، لأن إسرائيل فعلا عندما احتلت قطاع غزة من قبل 1967م احتلتها من تحت يد مصر لأن مصر كانت تحكمها.
ومصر تحس أن أي تسرب للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل تنطلق من فلسطين في حالة أن مصر تحكم غزة سوف يكون الرد على مصر مباشرة لأن هؤلاء إرهابيون في نظر إسرائيل طبعًا انطلقوا من أراضيهم المصرية.
مصر أدركت هذا الفخ ولا تريد أن تضع نفسها أمام إلغاء لدولة فلسطينية أو سلطة فلسطينية معترف بها، ودخلت البيت الأبيض خمسة عشر مرة بقيادة ياسر عرفات، فأصبحت إسرائيل تبحث عن حل لتخرج من المأزق، وهذا الانسحاب عبارة عن فرار للخروج من المأزق، ولكن يبدو لي أن إسرائيل لا يعني أنها ستنسحب اليوم أو غدًا إنما أمامها حتى الآن أكثر من سنة وتريد من خلال هذا العام أن تقتل كل دم ثائر مقاوم، وأنها تريد أن تسلم أرضًا محروقة، وسياسة الأرض المحروقة هذه سياسة إسرائيلية بحتة، ومصر الآن تقوم بعمليات تلطيف الأجواء، وتدريب شرطة وإشراف على وضع أمني، لكنها رفضت أن تدخل ضمن دائرة نشاط الجامعة.


أجندة نشاط الجامعة
• طيب دكتور/ عبد الولي، اتجاهات نشاط الجامعة العربية في الآونة الأخيرة ماذا عنها؟ (22 مايو) 
الجامعة العربية أولا هي طبعًا الأحداث المتلاحقة هنا وهناك في الساحة العربية أربكت العالم العربي، وأربكت الجامعة العربية أيضًا، ناهيك عن وجود نزاعات عربية – عربية مغمورة غير معلنة، ومن وراء الكواليس، تتمثل في عناد حول تأخير سداد مبالغ مالية للجامعة العربية حتى لا تتحرك تتمثل في التهديد بالانسحاب من الجامعة العربية، تتمثل في عملية التشنيع بدور من أدوار الجامعة العربية، أيضًا الجامعة العربية تقوم الآن بإصلاح إداري لهيكلها الداخلي، وفي هذا الأسبوع تم أو من ليلتين فقط تم اختيار خمسة أمناء عامين مساعدين للأمين العام جدد من بعض الدول طبعًا، من مصر وليبيا وسوريا والأردن والكويت، طبعًا هذه الدول التي حظيت بأن تكون هي ذات الدورة للأمانة العامة المساعدة، طبعًا قدمت مرشحين أكفاء، لكن يبقى أن ظروف المكايدة العربية العربية يبدو أنها لن تنتهي بمثل هذه الهيكلة لأن هناك أيضًا أياد خفية تعمل لصالح الغير على خلخلة الأوضاع العربية والاستهزاء بكل عمل عربي، وبالتالي في أجندة الجامعة العربية الآن التحضير لثلاثة أشياء، قمة برازيلية أو لاتينية لأمريكا اللاتينية مع الدول العربية مجتمعة، ويتوقع أن تكون في شهر نوفمبر القادم، وهناك مشاركة في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، وهو عالمي، ضيف الشرف في أكتوبر في الجناح هو الوطن العربي، وطبعًا تم الاستئجار على نفقة الدول العربية بأربعة ملايين دولار ومائتي ألف، يؤسفنا أن بعض الدول دفعت جزءًا من حصصها، وهي دول من ذات الأرقام المحدودة وليس الكبيرة، وكلما أخشاه أن يطرد العالم العربي أو ضيف الشرف من معرض فرانكفورت بسبب تأخر الدول العربية عن أداء سدادها، إضافة إلى أن الجامعة العربية الآن تحضر لمشروع إصلاح الوضع العربي، وتقدم ورقة في شهر أكتوبر القادم لتبحث على مستوى المجلس الوزاري ثم تقدم إلى قمة مارس في الجزائر إن شاء الله.


شتان ما بين قمة (بيروت) وقمة (تونس)
• عقدت قمة بيروت في العام قبل الماضي، وكان هناك إجماع عربي كبير، إلا أن هناك من يقول أنه لم تنفذ أي قرارات أو توصيات على أرض الواقع، ما تعليقكم؟ (22 مايو) 
-  قمة بيروت في السنة قبل الماضية أعقبتها قمة شرم الشيخ التي أربكت الوطن العربي، قمة بيروت خرجت أو تمخضت عنها قرارات إلى حد ما مثلا دعم السلطة الفلسطينية بميزانية كل ستة أشهر مائة وثمانين مليون دولار، ولو لم تتحقق عمليًا لكنها تتحقق جزئيًا، كانت هذه من أجود ما حدث إضافة إلى أن الأمة العربية أصدرت في قمة بيروت مبادرة السلام العربية التي بدأتها السعودية كمبادرة ثم تبنتها القمة، وأصبحت وثيقة عربية شاملة، وهو أن تعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية المستقلة على أراضي 1967م وأن يكفل للاجئين حق العودة، والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية وستعترف الدول العربية مقابل هذا بإجماعها بدولة إسرائيل وبالكيان الإسرائيلي وسيرفرف علم إسرائيل على كل عاصمة عربية وستفتح سفارات لها في إسرائيل إذا قامت إسرائيل بهذه الخطوة.
كان القادة والزعماء العرب يتصورون أن هذا ما تتمناه أمريكا وإسرائيل والعالم الغربي وهي نفسها المبادرة التي قد دعا إليها عدد كبير، لا أقول أنها مبادرة قرار التقسيم لمجلس الأمن ولكنها عدة قرارات لمجلس الأمن تؤكد هذا، وأمريكا أيضًا كانت تسعد بهذا، لكن ما إن أعلنت هذه المبادرة حتى صمتت عنها أمريكا وسخرت منها إسرائيل وأصبحت عبارة عن هدية عربية بدون مقابل بل تعني أن العرب بنازلوا عن أراضي مقابل 1967م لإسرائيل ضمنيًا من خلال هذه المبادرة، ولكن بالمقابل إسرائيل لم تعلق بكلمة واحدة أو ترحب أو تقول أي شيء بها، وكذلك أمريكا وغيرها، لكنه كموقف عربي حسب لتلك القمة وحسب لها أيضًا أنها أقرت للسلطة الفلسطينية مبلغًا من المال، لكن جاءت قمة شرم الشيخ وما حدث فيها من ملاسنات وانفجرت بوضع سيء أعادت الوضع العربي إلى سابق عهده وأوجدت حساسيات وانقسام وتشرذم عربي من جديد، وبالتالي أبطلت قمة شرم الشيخ كثير من مفعول قمة بيروت وجاءت بعدها القمة الماضية من تونس وبدأت بقمة فاشلة ثم ختمت بقمة صورية كما هو معروف فمن أجل هذا يبدو أن معالجة الوضع العربي على مستوى القمم بات شكليًا وليس فعليًا، وأصبحت القمم العربية إذا كانت على الوضع الذي مضى هي تعتبر بمثابة براءة ذمة فقط.
ها نحن التقينا لكنها لا تنعكس على الواقع العملي، هناك من وجد من يعترض على تقديم الدعم للسلطة الفلسطينية وهناك من وجد من يدعو إلى اندماج الفلسطينيين مع الإسرائيليين من داخل أروقة القمة العربية، وبالتالي وجد من يعترض عن تقديم أي مساعدة للسلطة الفلسطينية أو للشعب الفلسطيني، فيعني أن النفوذ الصهيوني أو العاصفة الأمريكية قد طالت أعناق كثيرين ممن يحضرون داخل أروقة القمة ووجدت لها قلوبهم، وبالتالي فهم يراعون أمريكا أكثر مما يراعون الشعب الفلسطيني خاصة في قضية البذل والعطاء والدعم والتشجيع والتأييد لكن لا أنسى أن هناك دول شجاعة وزعماء وقادة صريحون جدًا، وتأتي الجمهورية اليمنية في طليعة هذه الدول وفخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح عندما يعبر عن رأي الشعب اليمني أو عن رأيه الشخصي يعبر عن رأي الأمة العربية كاملا، وبالتالي قد افتقدته القمة الماضية والشارع العربي كان ينتظر ماذا سيقول الرئيس علي عبد الله صالح من صراحة ووضوح، لكن طبعًا وللأسف الشديد أن العالم اليوم عالم ما بعد قمة تونس يختلف كثيرًا عن عالم ما بعد قمة بيروت.


صراع مع الفطاحلة
• ما رأيك دكتور/ عبد الولي الشميري فلنخرج من محاورة الدكتور/ الشميري مندوب اليمن الدائم لدى الجامعة العربية ولنبقى مع عبد الولي الشميري الإنسان، وهو يغوص بين محارات الدبلوماسية وبين الثقافة وبين الأدب والشعر والإبداع والبحث العلمي والكتابة التربوية والسياسة لنقترب أكثر منكم لمعرفة من هو عبد الولي الشميري؟ (22 مايو)
-  عبد الولي الشميري ليس إلا واحدًا من اليمنيين الذي هم يمثلون ثقافة اليمن الذين ينقلون الثقافة اليمنية إلى أي مجتمع كانوا فيه، فالسفير في أي مجتمع قبل أن يكون سفيرًا لدى نظام هو سفير للمجتمع اليمني لدى المجتمعات الأخرى، وكونه يقدم ثقافة الشعب اليمني وفكر الشعب اليمني وأصالة الشعب اليمني وحضارة الشعب اليمني لا يعني أنه يقدم نفسه وإنما يقدم أمته وشعبه وثقافة بلده، وعبد الولي الشميري ليس إلا واحدًا من العشرين مليون المبثوثين في كل مكان، وجد نفسه في محيط ثقافي واسع في قاهرة المعز التي يقطنها أكثر من 16 مليونًا، وفيها أكثر من 20 ألفًا من فطاحل المثقفين والموهوبين والمبدعين، كان حتمًا عليه ولزامًا أن يمثل بلده في هذا المجتمع تمثيلا لائقًا فقدم الثقافة وهي اللغة التي تدعو إلى الحب والتآلف والتعارف بثقافة واسعة وفكر مستنير وقدم الثقافة اليمنية والمثقف اليمني إلى المجتمع، لا أقول المصري وإنما العربي المتواجد في القاهرة، والمتردد على مصر تقديمًا يبدو أنه لائقًا باليمن، يعرف ذلك أمثالكم المثقفون والمهتمون والمتابعون، وأعتقد أنها جزء من رسالة أتمنى أن يضطلع بها كل يمني في كل مكان وإن كان في ذلك من فضل فإن الفضل يعود أولا لله، ثم لليمن بلدنا الحبيب الذي تنسمنا من هوائه وثقافته ما مكننا من التخاطب مع الآخرين بشكل يبهرهم بل استطاع أن يوجد في المجتمع الثقافي المصري العريق ريادة وقيادة بدلا من أن يكون تلميذًا صغيرًا أصبحت والحمد لله الحركة الثقافية اليمنية في القاهرة حركة تشرئب إليها الأعناق وترمقها الأعين، ويتهافت عليها المثقفون والمبدعون من كل مكان، بل الكل يتزاحموا على دعوة لحضور هذه المشاركات في القاهرة، وهذا ما نرجو الله سبحانه وتعالى أن يكلل المساعي فيه بالنجاح، وأن يمدنا بالمزيد من القدرة على ذلك.


الطبعة الأولى من موسوعة (أعلام اليمن) ستمثل مفخرة تاريخية لحضارة الإنسان اليمني.. قريبًا ترى النور..!!
موسوعة أعلام اليمن على الإنترنت جاهزة • الدكتور/ عبد الولي الشميري وقفتم وراء إنشاء مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون في صنعاء وأنتم صاحب هذه المؤسسة ومؤسس ورئيس منتدى المثقف العربي بالقاهرة، ما أود أن أسألكم عنه، لماذا مؤسسة للإبداع في صنعاء ومنتدى للمثقف العربي بقاهرة المعز؟ (22 مايو) 
-  أولا أريد أن أوضح صورة مهمة لا يعرفها كثير من الناس وأشكرك أن أثرت هذا، مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون أنشأتها في صنعاء في ظل انطلاقة الوحدة اليمنية وتنظيم المجتمع اليمني في شكل منظمات المجتمع، واضطلعت هذه المؤسسة بدور ثقافي مميز وهو البحث العلمي والتحقيق للمخطوطات ولملمة التراث وشتاته وأن تمشي بخطى ليست صوتية أو إعلامية وإنما خطى بحثية أكاديمية أو تحقيقية بحتة، وبالتالي مؤسسة الإبداع قامت في اليمن لأنني كنت في اليمن ولأنه أصلا طبيعي أن تكون في اليمن، وهي الآن قد أنجزت مشروعًا أعتقد أنه مشروع العمر لو لم تنجز هذه المؤسسة هذا المشروع لكفى وهو مشروع موسوعة أعلام اليمن.


• مقاطعًا هذا ما كنت سأسلك عنه دكتور تاليًا، وبالمناسبة إلى أين وصلتم في هذا المشروع؟ (22 مايو) 
-  يتابع الدكتور/ الشميري حديثه قائلا: نعم، هذا المشروع أولا هو انطلق على الانترنت وموجود بموقع al-aalam.c- m والآن نصعد كل أسبوع حوالي 500 علمًا، وقد صعدنا حوالي 5-6 آلاف علم جاهزة من أعلام اليمن الأحياء والأموات عبر التاريخ من أيام سبأ حتى المعاصرين اليوم، والأعلام بكل مسالكهم ومشاربهم ومجالاتهم ليس أعلام العلم وليس أعلام السياسة وليس الوجهاء وليس أصحاب المهن فحسب، إنما موسوعة شاملة لكل من عرف في قومه بأي مهنة كانت أو بأي فكرة كانت أو بأي عمل كان، المهم عرف في قومه بشأن يميزه عن العامة.
وفي هذه الموسوعة حتى الآن قد وصلنا في الأعداد إلى 16 ألف وبدأن في الألف الـ (17) بما في ذلك المعاصرين، الموسوعة أيضًا هي موجودة الآن على CD كمبيوتر مع محركات بحث حديثة يمكن أن تصل إلى العالم بأسرع ما يمكن في ثواني، وهي الآن جاهزة وطبعتها الأولى في عشرة أجزاء ضخمة جاهزة للطبع نرجو الله أن يكللها بالنجاح ويكون إن شاء الله تدشينها مع نهاية العام مطبوعة لكنها على الانترنت الآن جاهزة للتصفح وموجودة أيضًا على CD للكمبيوترات، وفي آخر العام إن شاء الله سترى النور، لأن تكاليف الطباعة دائمًا تأخذ وقتًا وجهدًا.
فنحن في إطار لملمة جهودنا لكي تخرج هذه الموسوعة بشكل لائق في عشرة أجزاء وتكون هي مفخرة للتاريخ اليمني والحضارة اليمنية والإنسان اليمني. أما بالنسبة لمنتدى المثقف العربي فإنما هو في القاهرة ونشأ بسبب إقامتي فيها، ووجودي فيها، فالمنتدى يعتبر امتداد لمؤسسة الإبداع وكفرع للمؤسسة، وبالتالي فكلما نبرم اتفاقيات مثلا مع الأليكسو والأيسيسكو والمنظمات العربي والجمعيات الثقافية نبرم باسم مؤسسة الإبداع اليمنية ومنتدى المثقف العربي هو امتداد لها في القاهرة.